نظرية تعدد الاكوان | بين الحقيقة والخيال
الأكوان المتعددة (بالإنجليزية: Multiverse) هي عبارة عن مجموعة إفتراضية متكونة من عدة أكوان - بما فيها الكون الخاص بنا - وتشكل معاً الوجود بأكمله. وفكرة الوجود متعدد الأكوان هو نتيجة لبعض النظريات العلمية التي تستنتج في الختام وجوب وجود أكثر من كون واحد، وهو غالباً يكون نتيجة لمحاولات تفسير الرياضيات الأساسية في نظرية الكم بعلم الكونيات. والأكوان العديدة داخل متعدد الأكوان تسمى أحياناً بالأكوان المتوازية Parallel Universes. والبنية لمتعدد الأكوان، وطبيعة كل كونوما بداخله، والعلاقة بين هذه الأكوان كل هذه تعتمد على النظرية المتبعة من بين عدة نظريات.
ومتعدد الأكوان هو رأي مفترض في علم الكونيات والفيزياء والفلك والفلسفة والمسائل الرياضية والخيال العلمي و اللاهوت. وقد تأخذ الأكوان المتوازية في هذا السياق أسماء أخرى كالأكوان البديلة أو الأكوان الكمية أو العوالم المتوازية أو الوقائع البديلة أو خطوط الزمن البديلة، إلخ.
تناولت وسائل الإعلام، خلال العقد الماضي، بخاصة الصحف وبعض القنوات التلفزيونية) نظرية وصفت بالاستثنائية وأثارت حفيظة عدد من علماء الكون، مفادها: أن الكون الذي يضم مجرتنا ليس وحده، وإنما تسبح معه البلايين من الأكوان الأخرى . إذاً، وحسب هذا الاعتقاد، لا يوجد كون واحد . وكما ذكر الأديب الأمريكي برايان غرين في كتابه الواقع الخفي، فإن لكلمة أكوان متعددة معاني مختلفة، وعلى الرغم من أن الفلكيين استطاعوا بفضل تقنياتهم الحديثة، الرؤية إلى نحو 42 مليار سنة ضوئية فقط، والسنة الضوئية تعادل 46 .9 تريليون كيلومتر، إلا أنهم لم يذكروا أن نهاية الكون عند حد رؤيتهم . فماذا هناك؟
تعدد الأكوان نظرية تقبلها معظم علماء الفلك اليوم، لكن بعضهم ذهب لأبعد من ذلك وأشار إلى أكوان مختلفة فيزيائياً وتاريخياً وما إلى ذلك، وعلى الرغم من أن عدداً من العلماء بينهم الكسندر فيلينكين، يعتقدون أن بهذه الأكوان حياة، إلا أنهم فشلوا حتى الآن في رسم صورة ذات مجرات غير محدودة كما يرونها، والسبب عدم الخروج من مجرد الاعتقاد إلى الاكتشاف المثبت بالأدلة العلمية والبراهين الفيزيائية .
ويقود الكسندر هذا المفهوم، لدرجة أنه قدم لوحة درامية عكس من خلالها تصوره لتعددية الكون . وسبقه إلى ذلك فلكيون من العصور الوسطى، ولكن تجربتهم لم تتعدَ كونها سمة من سمات بعض الثقافات والمعتقدات الدينية . والجديد في مبادرة ألكسندر، هو تحويل القضية إلى نظرية علمية تنتظر الإثباتات والبراهين .
ومثل ألكسندر كثر، كلٌ أدلى بدلوه عن وجود وتوزيع الأكوان الأخرى، لتوضيح نقاط اختلافه مع الآخرين . ومن هؤلاء، ألان غوث وأندريا ليند الذي ذهب إلى أن الفضاء الخارجي يزخر بجانب الكون الذي يضم مجرتنا درب التبانة، بالعديد من الأكوان التي تتوالد باستمرار وضرب في ذلك مثلاً بفقاقيع الصابون . وترجع هذه الفكرة إلى ،1980 وترتكز على نظرية الأوتار أو النظرية الخيطية، التي وصفت المادة بأنها حالات اهتزاز مختلفة لوتر أساسي هو الفضاء . وحاولت النظرية الخيطية، الجمع بين ميكانيكا الكم التي وضعت الكهرومغناطيسية والقوة النووية في قالب واحد مع النسبية العامة، وأشارت إلى أننا نشكل جزءاً من فضاء ذي عشرة أبعاد بدلاً من الأربعة المتعارف عليها .
ويرى معظم علماء العصر الحديث، أن المشكلة الحقيقية التي تواجه هذه النظرية، هي ظاهرة الأفق المرئي، وهو نهاية لمدى رؤيتنا فقط ولا يعني نقطة نهاية الكون، ولكن حقيقة فرضية وجود كون آخر، تقبع ما بعد حدود رؤية الإنسان عبر مناظير تطورت بفضل تقنيات حديثة .
ومعظم العلماء الذين يعتقدون في تعددية الكون، لم يثبتوا صحة ما يقولون وإنما طرحوه كقضية وعلى استحياء في دور البحث العلمي المختلفة وتناولوها في عدد من منابر الرأي العام .
واستمر الجدل بين العلماء والمهتمين، حول مجموعة من النقاط بينها عدم وجود نهاية للفراغ الفضائي، فإن اتفقنا على أن هناك أكواناً أخرى أبعد من مدى رؤيتنا عبر المناظير، فلابد من برهنتها بإثباتات وأدلة ليست أقل من الرصد الواضح لما وراء الأفق الكوني .
والكون نشأ نتيجة لما يسمى فلكياً الانفجار الكبير، والذي حدث قبل قرون عدة وتوصل العلماء إلى هذه النظرية بعد دراسة آثار هذا الانفجار، وتوصلوا أيضاً إلى طريقة بداية توسع الكون، وتأثير الجاذبية في الحركة وتكتلها في مكان واحد من المجرات . وعلى الرغم من كشف الظاهرة في وقت مبكر، إلا أنها لم تندرج ضمن أولويات العلماء، ففي الآونة الأخيرة فقط ونسبياً، بدأ العلماء يتجهون إلى الإمعان في الأمر، وتمخض عن ذلك نظرية العالم البرازيلي آلان جوث ،1980 وتحدث فيها عن تضخم وتمدد الكون، وهي النظرية التي أدت في ما بعد إلى مفهوم جديد للكون متمثلاً في تعدد الأكوان .
وكلمة التضخم فلكياً لا اقتصادياً، تعني التوسع أو التمدد الكوني الذي حدث قبل نحو 7 .13 مليار سنة، وما زالت آثاره مستمرة في مناطق نائية من الكون، وتتشكل باستمرار مجرات جديدة تبدأ صغيرة ثم تنمو وتزداد وبجانبها أخرى وهكذا دواليك، ما يعني أن التمدد مستمر ولم يتوقف بعد الانفجار، وهذا ما يتمسك به العلماء الذين يعتقدون أن التمدد أدى إلى التعدد، وتسمى عملية توالد النجوم والمجرات بالتضخم الأبدي، وهو ما نحن نعيش في واحدة من آثاره وهو الكون الذي يضم مجرتنا درب التبانة .
وشرحت نظرية التضخم، بعض الملامح الكونية الغامضة التي خلفها الانفجار الكبير، وقدمت عددا من التنبؤات القابلة للاختبارات وفقاً للنظريات الحديثة المثبتة علمياً، والتي تأكد عدد منها بصورة أذهلت العلماء، إلى أن أصبحت النظرية النموذجية الرائدة في مجال دراسات الكون .
والجانب الرئيس الآخر، هو النظرة الجديدة المستمدة من نظرية الأوتار، والتي هي في الوقت الحاضر الركيزة الأساسية لنظرية الطبيعة، إذ تعترف نظرية الأوتار بعدد هائل من الحلول التي تصف الأكوان بفقاعة مع الخصائص الفيزيائية المتنوعة، أو ما نسميه بثوابت الطبيعة، مثل كتل الجسيمات الأولية وثابت نيوتن للجاذبية وغيرها من تلك الثوابت التي تتخذ قيماً فيزيائية مختلفة .
وعند الحديث عن نظرية الأوتار أو نظرية التضخم، فإن كل نوع لديه احتمال جسم كوني حديث شكل تضخماً جديداً في الفضاء، يتشكل ويتحول إلى عدد غير محدود من الأجسام وعلى جميع الأنواع الممكنة في سياق التضخم الأبدي . وهذه الصورة من الكون، أو الأكوان المتعددة، كما يطلق عليه حديثاً، تفسر سر طول أمد ثوابت الطبيعة التي تبدو مصقولة لنشوء الحياة .
ويرى بعض علماء الفيزياء أن نظرية تعدد الأكوان تنذر بالخطر، لأنها، وبحسب رأيهم، تعتمد على توقعات بيانية بحتة . وهو السبب الذي جعلهم يتساءلون: كيف يمكن التحقق من صحة وجود أكوان أخرى؟ ويرى الفيزيائيان الأمريكيان باول ستينهاردت واليس جورج، أن نظرية تعدد العوالم غير علمية، لأنها لا توجد أسس علمية يمكن أن تثبت أو تدحض صحتها .
والغريب، أنه يمكن اختبارات مراقبة الصورة الكونية في الوقت الراهن، حيث أشار الأمريكي أنتوني أغيري وزميله جونسون مات وغيرهم، إلى أن اصطدام جسم فضائي جديد بآخر سيؤثر في الصورة الكونية بالإشعاع الصادر منه، يبدو واضحاً ويختفي اعتماداً على قوة وضعف الضوء الصادر لحظة الانفجار والذي، وبحسب الثوابت العلمية، سيستمر لفترات طويلة . والكشف عن مكان لمثل هذا الوضع، يوفر دليلاً مباشراً على وجود أكوان أخرى، ولكن ليس هناك ما يضمن أن التصادم حدث داخل منظومة أفقنا الكوني .
وهناك أيضاً أسلوب نظري آخر، وهو استخدام نموذجنا النظري للأكوان المتعددة للتنبؤ بثوابت الطبيعة التي يمكن أن نتوقعها في منطقتنا الفضائية . فإذا كانت تختلف عن ثوابت الكون، فيمكن التنبؤ بوجود آخر في الأفق المظلم .
وتم تطبيق هذه الاستراتيجية في دراسات كثافة الطاقة في الفراغ الكوني، والمعروف أيضاً باسم الطاقة المظلمة . ولاحظ عالم الفيزياء الأمريكي ستيفن واينبرغ، أنه وفي المناطق التي تكون فيها الطاقة المظلمة كبيرة، فإنها تتسبب في التوسيع السريع للكون .
وأظهرت الدراسات الحديثة، أن معظم المجرات في المناطق الموجودة في مناطق فضائية ذات طاقة مظلمة كبيرة، أو بنفس الكثافة في عصر تكوين المجرات، يمكن التنبؤ بأخرى مماثلة لها في الفضاء .
ولم يتخذ الفيزيائيون هذه الأفكار على محمل الجد، ولكنها أدهشت الكثيرين منهم، خصوصاً عند اكتشاف الطاقة المظلمة بالأرصاد الفلكية أواخر 1990 . وهي أول الأدلة التي من شأنها أن تكون لبنة أولى نحو البحث في نظرية تعدد الأكوان .
ونظرية تعدد العوالم لا تزال في مراحلها الأولى، وتشوبها بعض مشاكل يتعين حلها . ولكن، وكما كتب ليونارد سسكيند من جامعة ستانفورد وعضو أكاديمية الفنون والعلوم الأمريكي، بمجلة نيوساينتست سيشهد مطلع القرن 22 نشاطاً يقوده فلاسفة وعلماء فيزياء وسوف يذكرهم بما سيسمونه العصر الذهبي، في إشارة منه إلى أن علماء القرن 20 هم من وضعوا لبنة النظرية .
ولم تلق أفكار تقليدية طرحها علماء سابقون، تحدثوا فيها عن أكوان متعددة، رواجاً، نسبة لعدم ارتقائها إلى المستوى المطلوب، أو بمعنى آخر افتقرت إلى المؤسسية النظرية .
وعند الحديث عن الأكوان المتوازية، نجد أنه من المفيد أن نميز بين أربعة مستويات مختلفة: الأول، مناطق فضائية ذات قوانين فيزيائية واضحة تعادل وتساوي الموجود في كوننا، ولكن في هذا المستوى ربما يتخذ التاريخ منحاً مختلفاً، والثاني، هو مناطق فضائية ذات قوانين فيزيائية مختلفة عن كوننا، والثالث، عوالم موازية في فضاء يسمى حديثاً فضاء هلبرت، حيث للكم دور مهم فيه، والرابع ينافي الحقائق التي تحكمها المعادلات الرياضية .
ويرى علماء مؤيدون لنظرية الأكوان المتعددة، أنه لا وجود للبديل الجيد فيه وذلك بسبب افتقارها للإثباتات التي تدل على عوالم موازية، فإذا وجدوا ما يفسرها، فلابد من قبولها، وعلى العكس، إذا أردنا التخلي عنها، فنحن في حاجة إلى بديل قابل ليجيب عن التساؤلات التي وضعتها .
وأي بديل يعتمد على أي نوع من التفسير، سيكون العلماء على استعداد لقبوله ماداموا سيجدون فيه الإجابة . واعتقد الفيزيائيون دائماً أن لا مفر من قوانين الطبيعة، وأنها ستظل على ما هي عليه ولا توجد نظريات أخرى بديلة، ويعنون بذلك القوانين الطبيعية .
وكل ذلك الجدل الذي يدور حالياً، ينحصر في نظرية تعد من النظريات ذات البعد الشاسع في طياتها عند إثباتها لكم هائل من الأمور الكونية الغامضة . ولتكون منطقية، يجب أن تكون نظرية ومن حيث المبدأ علمية على أقل تقدير، وقابلة للاختبار تجريبيا . وهذا هو ما يجب أن تكون عليه بإيجاد طريقة يمكن أن تسهم في إحداث فرق ملحوظ في الكون . وربما سيكون هناك طيف أمل لإثباتها مادامت تفترض فقط نوعاً أو نوعين من الأكوان، والتي هي في الحقيقة لا تتعدى كونها أجزاء بعيدة مكانياً وزمنياً من كوننا .
ونحن المسلمون لسنا بحاجة لنظريات تفسر لنا نشوء الكون، فلله الحمد أنه ليس لدينا تلك الحَيرة التي يتميز بها الملحدون! فكل شيء لدينا واضح والقرآن يفسر لنا كل شيء من حولنا، ولكن وجود هذه النظريات تزيدنا إيماناً بأن كل شيء في الكون منظم وجاء بتقدير من العزيز الحكيم.
فالله هو خالق كل شيء، والقرآن فيه تبيان لكل شيء: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)
[النحل: 89]. إن وجود أكثر من عالم Worlds، هذا شيء من عقيدتنا لأن الله تعالى قد أشار إلى ذلك في بداية القرآن في سورة الفاتحة: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفاتحة: 1-2].
هذه الآية الكريمة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) تحوي إشارة لحقيقة الأكوان المتعددة أو العوالم المتعددة Many-Worlds من خلال كلمة (الْعَالَمِينَ)، هذه الكمة هي جمع كلمة (عالَم) وبالتالي فإن ما يقترحه العلماء اليوم وما يحاولون استكشافه، قد أنبأ عنه القرآن العظيم قبل أربعة عشر قرناً.. فسبحان الله!
المراجع
http://www.kaheel7.com/ar/index.php/2010-02-02-20-06-04/1785-2015-03-03-20-26-55
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D9%88%D8%A7%D9%86
http://www.alkhaleej.ae/portal/66f1fc9e-7237-462d-b5e8-5b3cc71353f8.aspx
إرسال تعليق