-->
9568929128501602
recent
أخبار ساخنة

فلا أقسم بمواقع النجوم | الاعجاز العلمي

الخط

فلا أقسم بمواقع النجوم | الاعجاز العلمي


يقول الله تعالى: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ [الواقعة: 75-76]، وفي هذه الآية قسم إلهي بمواقع النجوم، وقد صُدر القسم بـ(لا) النافية، وهي هنا حرف زائد يفيد التوكيد، أي توكيد القسم(1).

والله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته، والله لا يقسم إلا بشيء عظيم، أي أنه إذا أقسم تعالى بشيء من مخلوقاته فإن ذلك دليل على عِظم المُقسم به(2).

والمقسم به هنا هو مواقع النجوم، ومواقع النجوم عند المفسرين هي مطالعها ومساقطها، وقيل مغايبها، وقيل انكدارها وانتثارها(3).

ثم يصرح الله تعالى بأن المقسم به أمر عظيم فيقول: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ [الواقعة: 76]، وكل هذا للدلالة على أهمية المقسم به، يقول الآلوسي رحمه الله: وقد صرح سبحانه بتعظيم هذا القسم وذلك يدل على غاية جلالة مواقع النجوم ونهاية شرفها(4).

ومما سبق يتضح لنا أن المقسم به في هذا الموضع هو مواقع النجوم لا النجوم نفسها-وإن كان قد جاء القسم بالنجوم في موضع آخر(5)-، وكل هذا للتأكيد على أهمية مواقع النجوم وأن لها شأناً عظيماً.

مواقع النجوم والاكتشافات العلمية الحديثة

ما كان الإنسان يستطيع قياس الأبعاد التي بينه وبين النجوم، في الوقت الذي كان يستخدم فيه مقاييس بسيطة تعرف بالفراسخ أو الأميال، وعلى أشد الأحوال قياس تلك المسافات وتقديرها بالأيام، لكن لما جاء العلماء في العصر الحديث وأخذوا يدرسون النجوم والأجرام السماوية الأخرى، وجدوا أن السماء تتكون من تجمعات هائلة من النجوم والكواكب والأجرام الأخرى، وأسموا كل تجمع من تلك التجمعات بـ(المجرة).

يقول زغلول النجار: "والمجرات هي نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكونيين 
(الدخان الكوني) بتركيز يتفاوت من موقع لآخر في داخل المجرة، وهذه التجمعات النجمية تضم عشرات البلايين إلى بلايين البلايين من النجوم في المجرة الواحدة، وتختلف نجوم المجرة في أحجامها، ودرجات حرارتها، ودرجات لمعانها، وفي غير ذلك من صفاتها الطبيعية والكيميائية، وفي مراحل دورات حياتها، وأعمارها"(6).

ووجدوا أن تلك المجرات تتكون من مجموعات نجمية، وتسمى المجرة التي ننتمي إليها مجرة (درب التبانة أو درب اللبانة).
ولاحظ العلماء أن هذه النجوم تبعد عنا مسافات شاسعة لا يمكن قياس أبعادها بالمقاييس التقليدية، فاتفق العلماء على وحدة قياس كونية تعرف باسم السنة الضوئية، وهي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعته(المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية) في سنة من سنينا، وهي مسافة مهولة تقدر بحوالي9.5 مليون مليون كيلو متر(7).

ومجموعتنا الشمسية عبارة عن واحدة من حشد هائل للنجوم على هيئة قرص مفرطح يبلغ قطره مائة ألف سنة ضوئية، وسمكه نحو عشر ذلك، وتقع مجموعتنا الشمسية على بعد ثلاثين ألف سنة ضوئية من مركز المجرة، وعشرين ألف سنة ضوئية من أقرب أطرافها، وتحتوي مجرتتا(درب اللبانة = MilkyWay)على تريليون(أي مليون مليون) نجم، وبالجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي ألف مليون مجرة على الأقل، تسبح في ركن من السماء الدنيا يقدر قطره بأكثر من عشرين ألف مليون سنة ضوئية، وأقرب المجرات إلينا تعرف باسم سحب ماجلان (Magellanic Clouds)تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين ألف سنة ضوئية(8).

وأقرب هذه النجوم إلينا هي الشمس 
التي تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر، فإذا انبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريباً، أي أن هذه المسافة الهائلة يمكن التعبير عنها بالقول إن الشمس تبعد عنا ثمان دقائق ضوئية، وذلك بوحدة القياس المسماة(السنة الضوئية)، ويلي الشمس في القرب إلينا النجم المسمى (ألفا قنطورس) و يبعد عنا مسافة 4، 4 سنة ضوئية، أي ما يعادل 42 مليون مليون كيلومتر تقريباً، وهناك نجم الشعرى اليمانية، وهو أسطع النجوم التي نراها في السماء و ليس أقربها، يقع على بعد 9 سنوات ضوئية(9)، بينما يبعد عنا النجم القطبي بحوالي400 سنة ضوئية، ومنكب الجوزاء يبعد عنا بمسافة1600 سنة ضوئية، وأبعد نجوم مجرتنا(درب اللبانة) يبعد عنا بمسافة ثمانين ألف سنة ضوئية(10).

فإذا كان هذا بالنسبة للنجوم التي نشاهدها فكيف بالنجوم التي لا نشاهدها ونحتاج إلى تلسكوبات وأجهزة متطورة لكي نشاهدها، فهناك مجرات تبعد عنا أكثر من بليون (ألف مليون) سنة ضوئية، ولقد ساهمت المراصد الفضائية حديثاً في اكتشاف نجوم و مجرات و أشباه نجوم قد حدثت وتمت فعلاً منذ بلايين السنين، وإن الله وحده هو العليم بحالها الآن فلم يكن الإنسان قد وجد بعد على الأرض عندما انطلق الضوء من هذه النجوم منذ عشرة بلايين سنة ضوئية(11).

ومما اكتشف أيضاً أن هذه النجوم مع تباعدها فإنها تتحرك بسرعات هائلة جداً منتقلة من موقعها الحالي إلى موقع جديد وهكذا باستمرار، مما يجعل هذا الأمر مثيراً للدهشة.

أي أنه لا يمكن لنا رؤية النجوم من على سطح الأرض أبداً، ولا بأية وسيلة مادية، وكل الذي نراه من نجوم السماء هو مواقعها التي مرت بها ثم غادرتها، إما بالجري في الفضاء الكوني بسرعات مذهلة، أو بالانفجار والاندثار، أو بالانكدار والطمس(12).

فالشمس التي تبعد عنا بمسافة مائة وخمسين مليون كيلومتر، فإذا انبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية من موقع معين مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة تقريبا، بينما تجري الشمس بسرعة تقدر بحوالي19 كيلومتراً في الثانية في اتجاه نجم النسر الواقع Vega فتكون الشمس قد تحركت لمسافة لا تقل عن عشرة آلاف كيلومتر عن الموقع الذي انبثق منه الضوء، و تدور الشمس حول نفسها مرة كل 27 يوماً في المتوسط، وتجري مع الشمس مجموعتها الشمسية بسرعة فائقة تبلغ 220 كيلومتر في الثانية منتمية لمجرتنا، وهذه المجرة تدور حول المجرة نفسها مرة كل 250 مليون سنة، وكل النجوم الأخرى تدور حول نفسها وحول المجرة التي تنتمي إليها، وتتباعد المجرات عن بعضها في فضاء الكون السحيق، وهكذا فنحن من على سطح الأرض لا نرى النجوم أبداً.

ولكننا نري صوراً قديمة للنجوم انطلقت من مواقع مرت بها، وتتغير هذه المواقع من لحظة إلى أخري بسرعات تتناسب مع سرعة تحرك النجم في مداره، ومعدلات توسع الكون، وتباعد المجرات عنا، والتي يتحرك بعضها بسرعات تقترب أحياناً من سرعة الضوء، وأبعد نجوم مجرتنا عنا يصلنا ضوءه بعد ثمانين ألف سنة من لحظة انبثاقه من النجم، بينما يصلنا ضوء بعض النجوم البعيدة عنا بعد بلايين السنين، وهذه المسافات الشاسعة مستمرة في الزيادة مع الزمن نظراً لاستمرار تباعد المجرات عن بعضها البعض في ضوء ظاهرة اتساع الكون، ومن النجوم التي تتلألأ أضواؤها في سماء ليل الأرض ما قد انفجر وتلاشى أو طمس واختفى منذ ملايين السنين، لأن آخر شعاع انبثق منها قبل انفجارها أو طمسها لم يصل إلينا بعد، والضوء القادم منها اليوم يعبر عن ماض قد يقدر بملايين السنين(13).

وجه الإعجاز

من خلال ما سبق علمنا أن الله تعالى أقسم في كتابه بمواقع النجوم، وهذا القسم يدل على عظم المقسم به، وقد توصل العلم الحديث إلى أن للنجوم مواقع بعيدة جداً، ولا يمكن للعقل أن يتصورها أو حتى يتخيل تلك المسافات الشاسعة، ووصل العلماء إلى اكتشاف حقيقة أخرى وهي أن هذه النجوم تتحرك بسرعات هائلة جداً منتقلة من موقعها الحالي إلى موقع جديد وهكذا باستمرار، مما يجعل هذا الأمر مثيراً للدهشة.

يقول زغلول النجار: ومواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة، وبسرعات جريها ودورانها، وبالأبعاد الفاصلة بينها، وبقوى الجاذبية الرابطة بينها، واللفظة مواقع جمع موقع يقال: وقع الشيء موقعه، من الوقوع بمعنى السقوط. والمسافات بين النجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها، وحركات النجوم عديدة وخاطفة، وكل ذلك منوط بالجاذبية، وهي قوة لا تُري، تحكم الكتل الهائلة للنجوم، والمسافات الشاسعة التي تفصل بينها، والحركات المتعددة التي تتحركها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعددة، وغير ذلك من العوامل التي نعلم منها القليل...!!!(14).

وفي هذا دلالة على السبق القرآني بالإشارة إلى إحدى الحقائق الكونية العظيمة، وقد علمنا أن الإنسان من على سطح الأرض لا يرى النجوم أبدا، ولكنه يري مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها، أو أنه يرى مواقع لنجوم تلاشت واندثرت من أزمنة مديدة تتجاوز ملايين السنين، والضوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السماء في كل ليلة من ليالي الأرض إلى يومنا هذا.

مع العلم بأن هذا السبق القرآني جاء في وقت سادت فيه الخرافة وكثير من التصورات المغلوطة بشأن الكون وموقع الأرض من الكون، فقيل إن الأرض هي مركز الكون، وقيل إن الشمس ثابتة لا تتحرك.

بل ظل الغربيون إلى أوائل القرن الثامن عشر الميلادي يؤمنون بأن النجوم مثبتات بالسماء، وأن السماء بنجومها تتحرك كقطعة واحدة حول الأرض، وأن الكون في مركزه ثابت غير متحرك، ومكون من عناصر أربعة هي التراب والماء والهواء والنار، وحول تلك الكرات الأربع الثابتة تتحرك السماوات(15).

فجاء هذا اللفظ القرآني المعجز على لسان رسول أميّ قبل ألف وأربعمائة عام ليكشف عن عِظم مواقع النجوم وبديع صنع الله فيها، في وقت خلت فيه معارف الناس عن أبسط هذه العلوم، مما يدل بلا شك ولا ريب أن هذا القرآن هو كلام الخالق المبدع لهذا الكون، العليم بدقائقه وأسراره، وقد أنزله مشتملاً على علمه، على نبيه محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم؛ ليكون شاهداً برسالته عليه أفضل الصلاة والسلام.

إعداد/ عادل الصعدي.
مراجعة/ عبد الحميد أحمد مرشد
_____________________
(1) الكشاف للزمخشري 1/ 1223، ومختصر ابن كثير 3/ 469.
(2) مختصر ابن كثير 3/ 469.
(3) تفسير ابن جرير الطبري 11/ 657، وفتح القدير للشوكاني 5/ 226، التحرير والتنوير لابن عاشور 1/ 4282.
(4) روح المعاني للآلوسي 23/ 107.
(5) أقسم الله تعالى بالنجم بقوله: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ [النجم: 1].
(6) مواقع النجوم للدكتور زغلول النجار، نقلاً عن موقع: www.55a.net.
(7) المرجع السابق.
(8) المرجع السابق.
(9) المرجع السابق، ورحيق العلم والإيمان للدكتور أحمد فؤاد باشا، نقلاً عن موقع:
www.amaneena.com
(10) مواقع النجوم للدكتور زغلول النجار، نقلاً عن موقع:
www.55a.net
(11) رحيق العلم والإيمان للدكتور أحمد فؤاد باشا، نقلاً عن موقع:
www.amaneena.com
(12) مواقع النجوم للدكتور زغلول النجار، نقلاً عن موقع:
www.55a.net
(13) مواقع النجوم للدكتور زغلول النجار نقلاً عن موقع:
www.55a.net
ورحيق العلم والإيمان للدكتور أحمد فؤاد باشا، نقلاً عن موقع:
www.amaneena.com
(14) مواقع النجوم للدكتور زغلول النجار، نقلاً عن موقع:
www.55a.net
(15) المرجع السابق.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

نموذج الاتصال
الاسمبريد إلكترونيرسالة